الجمعة، 6 أكتوبر 2017

كذب الصورة





في عمل تاريخي، قدم السريالي البلجيكي رينيه ماجريت لوحة خالدة سمّاها "غشّ الصورة / هذا ليس غليونا" عام 1929، اللوحة البسيطة للغاية في عناصرها المرسومة أتت صادمة للغاية في معناها ومغزاها. فقد رسم ماجريت لوحة لغليون ثم كتب أسفله هذا ليس غليون! فقط. 

ان لم يكن غليون فما هو هذا الشيء ؟ فقط صورة! فهي لا تصلح للتدخين ولا لشيء اخر فقط رمز ورمز الغليون لا يساوي الغليون أبدا مهما كانت جودة الصورة.


نشرها الرسام في سنة 1929 حيث لا توجد الصور الا في الجرائد أو الملصقات لكن ماذا نقول عن عصرنا هذا، حيث بمجرد فتحك لحسابك على اي من مواقع التواصل تنهمر عليك مئات الصور الموسومة ب ' يوم رائع، ابتسامة، صداقة '،

لا يتوقف تأثير هذه الصور عند مشاركيها او المعلقين عليها فقط بل اصبحت هذه المواقع مجرد حلبة منافسة لأحسن صورة، احسن ابتسامة... 

قد تدخل يوما ما الفيسبوك فتلعن حياتك وكيف أنها فارغة وانت ترى نشاطات اصدقائك ونشاطات معارفك ونشاطات اشخاص لا تعرفهم ابدا، لا يقول دماغك ان هذه النشاطات لاناس متفرقين بل يجمعها ليقول انها لشخص واحد حتى وان كنت في وعيك لا تدرك هذا، ان رأيتني مخطئا تذكر غضبك ولو القليل عندما لا يضغط صديقك المقرب على اعجاب لاحدى صورك المفضلة.

كل هذه الصور وكل هذه التغريدات والمنشورات هي فقط ' تسويق للانا ' مجرد وسيلة تافهة ليقول الشخص انا موجود واعيش حياة رائعة ( الا من رحم ربي واراد توصيل رسالة معينة )،

 لذلك لازلت أؤمن أن من يعيش حقا في هذه الحياة هو شخص لا يملك الوقت ليتكلم عن حياته فما بالك بنشره لكل تفصيل عنها .. 

لذلك صديقي تذكر أن : 

هذه ليست ابتسامة، هذه مجرد صورة لابتسامة ( حتى وان كانت رائعة ) والصورة لا تساوي شيئا أمام الواقع 



وهذه ليست مباراة كرة قدم، هذه مجرد صورة لمباراة كرة قدم وكما قلنا ان الصورة لا تساوي شيئا أمام الواقع



وقس على ذلك كل الصور والرموز المعروضة امامك باستمرار ولا تدعها تؤثرعليك.

هناك تعليقان (2):

  1. ���� سلمت انمالك .. اصبحنا لا نتسمتع بالحظات .. التصوير يوهمنا انا نقيد الحظات الجيدة .. وهو العكس تماما
    اصبح التصوير منافسة و بنسبة لي من يصور كل شيئ وينشره في يومه له نقص ويحاول اخفاءه .. كالذي يذهب لعاصمة من العواصم ويصور كل شيئ وينشره ليحس انه مشهور .. وانه ثري وانه ذهب للمكان نفسه الذي قضى فيه احد المشاهير عطلته
    اللعنة اللعنة على من استخدم هته المواقع لهته الغاية ..
    وبهذا اصبح الفقير يتكلف ليملك هاتف ايفون وسيارة فاخرة .. لكي يصورها وتتساوى الرؤوس .. مؤلم حقا ..

    ردحذف

اجعل تعليقك بنَّاءًا :)