- بداخل كل منا صرخة
يحاول اخفائها لا أعرف ماذا نود أن نقول بها لكنها موجودة وانا متأكد أنها تحاول
وصف مقدار تعبنا من هذه الحياة مقدار ارهاقنا من هذا العبث الذي يحدث حولنا، لا
نعرف شيئا عن هذا البعبع المدعو المستقبل لكننا نستمر بالمشي على اية حال تجاهه،
نعد العدة ولكننا نعلم في داخلنا أن هذا غير كاف، نتمنى فقط لو نستطيع القاء نظرة
خفيفة عليه تساعدنا لكن هيهات أن يتحقق تمنينا،
- ننظر في
الوجوه فلا نستطيع إيجاد وجه يواسينا، نستمع لهموم بعضنا ونواسي بعضنا لكننا
نتسائل دائما عن مدى صحة ما نقوله مقارنة بجمال كلماته، فنقنع الغير وتزداد
أسئلتنا تجاه نفسنا، نستمر بالتحرك والعمل لكن كل ذلك يبدو دائما غير كاف في
النهاية وبلا معنى ويتحول تدريجيا الى عبث أكبر وأكبر فنحن سنفنى ولا شيء من هذا
باق.
- أظنها صيحة
ندم على حمل الأمانة في اليوم الأول هذه الأمانة التي رفضتها الجبال بقسوتها
والأنهار بمرونتها لكن نحن ! نحن الأشداء نحن الذين لا ننحي نحن الذين لا نستقوي الا على بعضنا
لنكذب على أنفسنا التي تعرف حقيقتنا وكلنا نعرف الحقيقة لكننا نستمر بالهرب بايذاء
بعضنا، نغطي الشمس الظاهرة بصخرة ضخمة حتى يغمرنا الظل لكن من ذا يصدق أن نور الشمس
قد اختفى، لا نرغب بمعرفة الحقيقة لأنها ما هربنا منها في المرة الأولى فنشغل
انفسنا بقوة وعلم الشخص الذي حمل الصخرة،
- يصبح الظل
ظلاما لكن الشمس لا تغرب انها موجودة هناك دائما لمن يتحلى بالجرأة للبحث عنها،
هكذا يخبرني البعض، أصدقهم أحيانا ويخيفني حالهم أحيانا، يقولون نحن في جنة لو
علمتها الملوك لجالدتنا عليها بالسيوف، أتمنى أن أكون معهم أحيانا وتخيفني الشمس
أحيانا أخرى أخبروني كثيرا أنها تحرق كل من يذهب تحتها فأشكرهم على خوفهم علي
وأسبح بحمد وشكر من وضع الصخرة ليحمينا،
- لكن هؤلاء
يقولون أنهم كانوا هناك، يحدثونني عن دفئها عن النور الموجود هناك عن الألوان
الكثيرة التي رأوها عن الممالك التي عرفوها، عن مزارع السكر عن عباد الشمس،
يخبرونني أن من يكون هناك يتصرف بشكل مختلف تماما عن أي طبيعة موجودة هنا يشبهون
الأمر بزهرات تنمو على قلبك، لا أستطيع تخيلها فأنا لا أعرف الا هذا الظلام الآمن،
كل الأشياء تتشابه فيه وكلها بلون واحد باعثة على الأمان، أحاول أحيانا الذهاب الى
تلك الشمس لكن صيحات من يخافون علينا توقفني، لم أتجرأ يوما أن أخطو خطوة خارج هذه
الصخرة لكنني استشعر الدفئ كلما اقتربت هناك، جعلني أؤمن بما قاله أولئك الزنادقة
كما كنت اراهم سابقا عنها،
- أجلس معهم
وأحكي لهم عن مخاوفي، كيف لي أنا الذي لم أعرف الا الظلام في حياتي أن أعرف طريقي
خارجا، يحدثونني عن شيء اسمه نور موجود هناك سيريني وحده الطريق لكن هذه المسألة
خاصة جدا ولا يمكن لاي احد ان يشرحها ويفسرها لك كل ما بيدك ان تفعله هو قفزة
ايمان على مخاوفك وسترى!مازال الخوف
يغمرني والوحدة في هذا التفكير تمنعني من استجماع أي شجاعة أسألهم دائما ودائما
يجيبونني لكنني أخاف أن يأتي اليوم الذي يقتنعون فيه بأنه لا جدوى مني ومن اجابتي،
أخاف أن يتركوني، ومخاوفي ليست مثل الجميع فأنا ممن عرف دفئ هاته الشمس لكنني لم
أختبر يوما هذا النور الذي يتحدثون عنه،
كرهت الظلام ولم أعرف عكسه لكن بدا جميلا،
كل ما تطلبه الأمر تجربة لكنه الهرب يلهي والأسطورة تشرق دائما أسطع من الحقيقة.
وييبقى حق
الحقيقة علينا دائما ونحن نعرفها، أن نقولها وبصوت عال حتى وان أدى ذلك لاحتراقنا
والا فانها لن تتركنا حتى تحرقنا هي بنفسها، هي رحيمة وجميلة دائما مهما بدت
بشاعتها وقسوتها، فقط علينا أن لا ننكرها حتى وان لم تتقبلها لأن خنق نفسها
ومحاولة قتلها، سيستغرق حياتك وحياتنا كلنا،
نستمر بكبت الصرخة وتستمر معاناتنا مع العبث حتى نصبح
نحن هم العبث بذاته، لكننا هكذا وهكذا كنا منذ البداية، الا من أبى '' ظلوما جهولا
''.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اجعل تعليقك بنَّاءًا :)